المصدر: صحيفة الاتحاد.
حذر خبراء ومتخصصون، المستهلكين من التجاوب مع مزادات «مخادعة» تعرض سلعاً عبر خاصية البث الحي على التواصل الاجتماعي بنظام استقبال عطاءات المتابعين، حيث تبث معظمها من قبل أفراد ومحال تجارية غير مرخص لها بممارسة أنشطة البيع داخل دولة الإمارات، ما يعرض حقوق المتعاملين للخطر.
وأوضحوا أن هذه المزادات تعرض بضائعها من الخارج من دون ضمانات لوصول السلعة ومطابقتها للمواصفات المعروضة، مطالبين بإرساء أطر قانونية لهذه المزادات لتقتصر على الجادين من رواد الأعمال داخل الدولة والذين يرغبون في تسويق منتجاتهم بهذه الطريقة، بحيث يمكنهم ممارسة نشاطهم بترخيص من الجهات المسؤولة لضمان حقوق المستهلك.
من جهتها، حددت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الدولة 52 موقع بيع إلكترونية مرخصاً لها، وحثت المستهلكين على عدم التعامل مع مواقع بيع غير موثوقة أو غير مرخصة.
وقانونياً يعد بيع وشراء المنتجات عبر المواقع الشبكية ومواقع التواصل الاجتماعي، محظوراً إذا تم من دون الحصول على التراخيص التجارية اللازمة، ويحمي القانون الاتحادي رقم 24 لسنة 2006 حقوق المستهلك، كما أطلقت الحكومة الاتحادية ميثاق خدمة المتعاملين في الجهات الاتحادية، والتي تضمن حصول المستهلك على أجود السلع والخدمات وحمايته من عمليات الغش والبضاعة المعيبة.
أضرار اقتصادية
وأكد جمال السعيدي، الخبير الاقتصادي المتخصص في شؤون المستهلك، وعضو جمعية رواد الأعمال الإماراتيين، أنه في ظل التقدم التكنولوجي والانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي، وبالتزامن مع الإقبال على التسوق الإلكتروني خلال جائحة «كوفيد 19» تزايدت أعداد المزادات التي يتم بثها عبر هذه المواقع باستخدام خاصية البث الحي لعرض الذهب، والمجوهرات، والأحجار الكريمة، من دون توافر ضمانة حقيقية لحماية حقو المشتري. وقال: إن ممارسة أي نشاط تجاري متعلق ببيع وشراء المنتجات عبر المواقع الشبكية ومواقع التواصل الاجتماعي، يعد غير قانوني إذا تم من دون الحصول على تراخيص تجارية اللازمة، لافتاً إلى أنه في بعض الحالات تتواصل الدوائر المعنية بالشركات المسؤولة عن إدارة مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«تويتر» لحظر هذه المواقع خاصة في الحالات التي تعرض فيه هذه المواقع منتجات مقلدة أو بها غش تجاري أو غيرها.
وأوضح أن عمليات البيع بهذه الطريقة تنطوي على أضرار تطال المستهلك من جهة الذي يعرض حقوقه للضياع، والمحال التجارية المرخص لها من أخرى، والتي تجد نفسها في منافسة غير عادلة حيث يتم عرض البضائع بأسعار منخفضة للغاية، إما بسبب أنها مقلدة أو لتدني الخامات المستعملة ومصاريف التشغيل.
وقال السعيدي: إن الأخطر من ذلك أنه يمكن لهذه المزادات أن تقوم ببيع وعرض بضائع ومجوهرات مسروقة، ما يعرض المشتري للمساءلة القانونية، فضلاً عن خسارته المبلغ المدفوع ثمناً لهذه البضائع.
وشدد على أهمية أن يتوخى المستهلك الحذر، وأن يحرص عند التسوق الإلكتروني على التوجه للبيع والشراء من مواقع إلكترونية لها صفة قانونية، من حيث العنوان الثابت والسجل التجاري للمنشأة والرخصة من الجهات الرسمية.
وحث المستهلكين عند الشراء الإلكتروني عموماً على التحري والاستفسار عن المواقع الإلكترونية قبل الشراء، إما عن طريق سؤال أشخاص قاموا بالتعامل معها أو عن طريق قراءة تعليقات العملاء عبر الإنترنت، والتأكد من صدقية الجهة، وأن يستخدم البطاقة الائتمانية بحذر حتى يتفادى عمليات النصب والاحتيال.
قلة جادة
من جانبه، قال إبراهيم البحر، الخبير المتخصص في شؤون التجزئة وقطاع المستهلك، إن «مزادات البث الحي» عبر مواقع التواصل الاجتماعي أداة جديدة للإيقاع بالمستهلكين من رواد هذه المواقع، لافتاً إلى أنه غالباً ما يقف وراءها أفراد غير مرخص لهم بممارسة نشاط البيع والشراء داخل الدولة.
ولفت إلى أن التجاوب مع هذه المزادات ينطوي على مخاطر متنوعة أولها عدم وجود ضمانة لجودة السلعة، كما أنه لا يوجد ضمانة لتوصيلها للمستهلك بعد إتمام عملية الشراء، الأمر الذي حدث بالفعل مع عدد من المتعاملين.
وقال إنه بالنسبة للجادين من رواد الأعمال داخل الدولة، والذين يرغبون في عرض وتسويق منتجاتهم اليدوية بهذه الطريقة، فيمكن استحداث إطار قانوني، بحيث تتم ممارسة نشاطهم بترخيص من الجهات المسؤولة لضمان حقوق المستهلك.
وقال البحر: إنه في الوقت الذي تقوم فيه وزارة الاقتصاد والهيئات والجهات التنظيمية بمكافحة هذه حالات الغش والاحتيال يبقى الرهان على وعي المستهلك الذي يتعين عليه عدم التجاوب مع هذه المزادات أو أي مواقع غير موثوقة. وقال محمد الفقي، خبير الإعلام الرقمي والمحاضر في كلية الدار الجامعية: إنه يمكن القول إن 99% من المزادات التي يقوم عبر خاصية البث الحي بمواقع التواصل الاجتماعي غير شرعية وينطوي التجاوب معها على مخاطر متعلقة بجودة السلعة أو توافرها من الأساس. وأشار إلى أنه من خلال تحليله لمقاطع بث حي لهذه المزادات يظهر اعتمادها على عمليات التسويق المخادع من خلال سرد وعود وحقائق غير موثقة وبلا ضمانات، كما أنها تبث من خارج الدولة، ما يجعل الملاحقة القانونية أمراً في غاية الصعوبة.
وأشار الفقي إلى أن غالبية ضحايا هذه المزادات غير المرخصة من المهوسين بالشراء الإلكتروني والباحثين عن الحصول على السلع بأسعار منخفضة للغاية، حيث يكون هؤلاء الأكثر قابلية للوقوع في فخ المحتالين على الشبكة العنكبوتية. وتوقع الفقي تلاشي الثقة بهذه المزادات تدريجياً مع زيادة عدد الذين خدعوا بها، وتنامي التحذيرات وحملات التوعية للتعريف بأساليب التسوق الآمن.