ينطوي سيناريو “اكتساح الديمقراطيين” أو ما يطلق عليه أيضاً “الموج الأزرق” على تحديات كبيرة فيما يخص التوقعات المستقبلية للدولار الأميركي، مقارنة بتأثير ذلك على الاقتصاد الأميركي ككل.
وبينما يحظى الدولار الأميركي بدعم محتمل بفضل الدور النشط للسياسة المالية، إلا أن التأثير الفعلي قد يكون محدوداً للغاية، إذ إن الفضل في استفادة العملات من السياسة المالية التوسعية يعود في المقام الأول إلى دورها في تقليل الضغط على السياسة النقدية من أجل خفض أسعار الفائدة أو تعزيز تدابير السياسات غير التقليدية مثل شراء الأصول.
وقال دايفد أليكساندر، باحث اقتصادي متخصص في “جوليوس باير”: “رغم ذلك، فإننا نلقي بظلال من الشك على أن يكون ذلك واقع الحال في الولايات المتحدة، حيث دفع الاحتياطي الفيدرالي بالفعل أسعار الفائدة إلى حدودها الصفرية، والتي لا شك أنها ستحتفظ بها يقيناً لسنوات قادمة، بغض النظر عن مسار السياسة المالية. لذلك، يتمثل المحرك الأكثر أهمية للتوقعات بشأن الدولار الأميركي في الجزء المخصص من برنامج بايدن الانتخابي”.
ويقوّض ارتفاع الضرائب المفروضة على الشركات خط الدفاع الأخير القوي للدولار الأميركي. فطالما كانت ديناميكيات تحقيق الإيرادات الفائقة سبباً رئيسياً في قوة الدولار الأميركي خلال العقد الماضي، حيث ساهمت المعاملة الضريبية للشركات الأميركية في تعزيز ديناميكيات تحقيق الإيرادات في الولايات المتحدة، إلى جانب نماذج الأعمال الفائقة لشركات تكنولوجيا المعلومات.
مأزق أميركا المالي
وقال أليكساندر في لقاء خاص مع “العربية.نت”: “نظراً لتلاشي المزيج الذي كان يتمتع به الدولار الأميركي من مزايا أسعار الفائدة والسياسات الأكثر مواتاة مقارنةً بأوروبا، فقد يترتب على تقويض المزايا المتأتية من ارتفاع الإيرادات تسارع وتيرة ضعف الدولار الأميركي. وعلى النقيض من سيناريو “اكتساح الديمقراطيين”، تمثل سيناريوهات استمرار الانقسام بين الفرع التنفيذي (الرئيس) والفرع التشريعي (الكونغرس) ضغوطاً أقل على الدولار الأميركي وتؤدي إلى انخفاض تدريجي للغاية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ميزة سعر الفائدة المفقودة، والتي عززت من جاذبية الدولار الأميركي في الماضي”.
وأضاف أليكساندر “يمثل المأزق المالي الحالي قبل الانتخابات الأميركية سبباً آخر لتوقعاتنا الحذرة بشأن الدولار الأميركي، ولا سيما على المدى القصير. فمن المفترض أن تدعم السياسة المالية الأكثر نشاطاً التي بدأها صندوق التعافي الاقتصادي الأوروبي ومساهمته في تعزيز التماسك في منطقة اليورو الانتعاش في أوروبا، في حين تفتقر الولايات المتحدة إلى الدعم المناسب في الربع الحالي، الأمر الذي يمثل محركاً مهماً لضعف الدولار الأميركي مقابل اليورو في المستقبل”.
سيناريوهات محتملة
وقال دايفد كوهل، خبير اقتصادي في “جوليوس باير”: لا تتيح سيناريوهات الانتخابات الأميركية، سواء “فوز بايدن مع انقسام الكونغرس” أو “استمرار الوضع الراهن”، فرصاً كبيرة لإدخال تغييرات جذرية على السياسة الاقتصادية الأميركية ولا يختلفان كثيراً عن بعضهما البعض.
ففي السيناريو الأول، سيمنع مجلس الشيوخ الجمهوري، بايدن، من إجراء تغييرات سياسية واسعة النطاق. وفي السيناريو الثاني، سيجبر الكونغرس الديمقراطي الرئيس ترمب على مواصلة الحكم من خلال إصدار المراسيم الرئاسية وسيعترضون على تقديم المزيد من التخفيضات الضريبية.
في ظل سيناريو “اكتساح الديمقراطيين”، قد يستطيع بايدن تنفيذ بعضاً من وعود برنامجه الانتخابي. وفي الوقت نفسه، سوف تساهم التغييرات السياسية من الجناح اليساري للحزب على موازنة أي انحراف في التغييرات المقترحة على السياسة أثناء عملية التنفيذ. سيكون الاقتصاد والأسواق المالية أكبر القطاعات تأثراً بالسياسة التي ستمثل انحرافاً جزئياً عن سياسة ترمب في منح التخفيضات الضريبية إلى الشركات، وزيادة الضرائب المفروضة على الأسر ذات الدخل المرتفع، والتخفيضات الضريبية للأسر ذات الدخل المنخفض، وإعادة سن التشريعات البيئية والمالية، وزيادة الحد الأدنى للأجور، كما سيكون لها أثر أكبر على الإنفاق المالي، مع زيادة الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.