يقوم الذكاء الاصطناعي بأكثر من مجرد أتمتة العمليات. واستنادًا إلى أحدث أبحاث الذكاء الاصطناعي والمهارات التي أجرتها مايكروسوفت، بدأت المؤسسات في الشرق الأوسط وأفريقيا بالفعل بإدراك العوائد الكبيرة لهذه التقنية في تنمية المهارات ، وتعزيز قدرات الإنسان واستحسان الموظفين.
قد بدأت الشركات داخل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في خضم توجهها نحو تبني الذكاء الاصطناعي إلى ادراك وملامسة القيمة الإضافية التي تجلبها عوائد هذه التقنية لعملياتها ، ومن هذا المنطلق قامت مايكروسوفت بدراسة تختص بمعرفة كيفية طرق استخدام الشركات للتكنولوجيا ، والدروس المستفادة من اتباع هذا النهج ، حيث أجرت مؤخراً استطلاعاً لآلاف الأشخاص حول العالم ، بما في ذلك شركات في جنوب أفريقيا ؛ وتركيا ؛ والإمارات العربية المتحدة بصدد فهم وضع المنطقة فيما يتعلق برحلة اعتماد الذكاء الاصطناعي.
وإذا تطرقنا في صلب الحديث عن هذا الموضوع ، فإن إحدى أهم الفوائد الرئيسية لتقنيات الذكاء الاصطناعي تتمثل في قدرتها على أتمتة المهام الروتينية وإتاحة الوقت للموظفين من أجل التعامل مع التحديات الأخرى. وبهذا الشأن وجد بحث مايكروسوفت أن عملية التعلم لدى الموظفين هي أهم خطوة جديدة كانت تستغرق وقتاً منهم ، تليها مباشرةً المهام المتعلقة بالابتكار وحل المشكلات ، إلى جانب المسائل المرتبطة بزيادة مستوى التعاون مع العملاء والزملاء.
وأوضح البحث أن أكثر من 40% في المائة من الموظفين في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في الشركات التي تستخدم التكنولوجيا بشكل مكثف يشعرون بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستجعل من عملهم مريح أكثر ، وكذلك ذو فائدة وفعالية أكبر. كما كشفت ذات الدراسة بأن الموظفين يجدون طرقاً جديدة للمساهمة في نجاح مؤسساتهم ومجتمعاتهم بمساعدة التعزيزات التي تقدمها تقنية الذكاء الاصطناعي ، سواء كان الأمر يتعلق بزيادة الاطلاع والمعرفة ؛ أو الابتكار ؛ أو من خلال حل مشكلة معينة ؛ أو عبر التعاون.
مشهد الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا
وعلى الصعيد العالمي ، من المتوقع أن يتضاعف العاملون في مجال الذكاء الاصطناعي – (وبمعنى دقيق الأشخاص الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي ضمن مستوى معين في وظائفهم) – بأكثر من الضعف بمعدل من 21% بالمائة ليصل إلى 50% بالمائة خلال السنوات الست إلى العشر القادمة. ولكن السؤال المطروح هنا كيف يبدو مشهد مهارات الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا؟
وللإجابة عن هذا السؤال بشكل واضح ، صنف البحث الشركات إلى ثلاث مجموعات مختلفة ، تمثل المجموعة الأولى مبتدئي الذكاء الاصطناعي الذين لم يباشروا أية استراتيجية لهذه التقنية بعد ، أما الشريحة الثانية فهُم من متوسطي اعتماد هذه التقنية الذين هم في صدد مرحلة الاستكشاف والتجربة ، بينما المجموعة الثالثة تتجسد في محترفو الذكاء الاصطناعي الذين يضيفون الطابع الرسمي على استراتيجية الذكاء الاصطناعي ويدمجونها بشكل فعلي ضمن وظائفهم.
وبهذا الشأن أعرب بعض القادة في الشركات التي تعتبر ضمن محترفي الذكاء الاصطناعي بإن استثماراتهم المخصصة لرفع مهارات موظفيهم في الذكاء الاصطناعي زادت تدريجياً عن قبل. الشيء الذي بدوره أضاف نتائج إيجابية انعكست بشكل واضح على مستوى مهارات معظم الموظفين والمديرين.
ومن جانب آخر ، عندما يتعلق الأمر بمهارات القيادة ، يقوم قادة الذكاء الاصطناعي في المنطقة بإشراك موظفيهم بخطة فعالة لبناء قاعدة من المواهب في الذكاء الاصطناعي. وهنا أوضحت لنا الدراسة بأن ما يقرب من 60% في المائة من الشركات في جنوب أفريقيا أقرت بأن برامج إعادة تأهيل المهارات جارية أو قيد التنفيذ ، بينما كانت النسبة 51% في المائة في دولة الإمارات العربية المتحدة ، و49% في المائة في تركيا.
والجدير بالذكر أن غالبية شركات الشرق الأوسط وأفريقيا المصنفة على أنها من محترفي الذكاء الاصطناعي تستمد قيمة كبيرة من هذه التقنية. وبدى ذلك جلياً من خلال ما شاهدناه من أمثلة ناجحة على أرض الواقع تمثلت في منتجات وخدمات جديدة ، وكذلك عملاء أكثر ارضاء ، وعمليات أكثر كفاءة ، إلى جانب الوقت الإضافي المتاح للمهام البشرية. وفي واقع الأمر كانت أكبر فائدة استطاعت هذه الشركات جنيها من تقنيات الذكاء الاصطناعي هي خلق بيئة تتسم في كونها ذات كفاءة أكثر على صعيد العمليات ، حيث تمكنت هذه الشركات خلف الكواليس من خلق وقت إضافي أتاح بشكل مباشر المساحة الكافية لتمكين المزيد من المهام البشرية والمنتجات والخدمات الجديدة.
تغيير المفاهيم والأفكار حول الذكاء الاصطناعي
قد تكون المناقشات حول استخدام الذكاء الاصطناعي بين القوى العاملة صعبة بسبب المخاوف المتعلقة بهذه التقنية والأتمتة ، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية المعاكسة التي يواجهها العالم حالياً. ومع ذلك وجد تقرير مستقبل الوظائف لعام 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن الذكاء الاصطناعي قد يخلق 133 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2022.
ومن المثير للاهتمام تعدد صور استخدام هذه التقنية ، فعلى سبيل المثال في جنوب أفريقيا تستخدم مجموعة BroadReach Group“” الذكاء الاصطناعي لزيادة تمكين المجتمعات وتمكينها من خلال إطلاق تطبيق “BroadReach Vantage” ، الذي يلتقط البيانات المتعلقة بالحالات الايجابية لفايروس كورونا المستجد (كوفيد -19) وربطها بموارد الرعاية الطبية والمستشفيات ، حيث يقوم بتحليل هذه المعلومات بمساعدة الذكاء الاصطناعي ، ومن ثم استخدامها لبدء تتبع جهات الاتصال ، وكذلك التنبؤ بتخصيص الموارد اللازمة في المستشفيات.
من خلال هذا النوع من معالجة البيانات والأتمتة ، سيتمكن المجتمع من اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة بشأن المشكلات الطارئة. مع العلم تم تطبيق الذكاء الاصطناعي بنجاح لمساعدة العاملين في مجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية خلال الأزمة العالمية الراهنة ، ومن المقرر وفقاً لما شهدناه خلال هذه الفترة أن تنمو قائمة من التطبيقات المدعومة من قبل الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك ، لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الإبداع البشري. لا يمكن لهذه التقنيات فعلياً تقليد المهارات الشخصية المطلوبة مثل الإبداع ؛ أو الإقناع ؛ أو التعاون ؛ أو القدرة على التكيف ؛ أو حتى الذكاء العاطفي. وفي هذا السياق وجد بحث مايكروسوفت أن الشركات في الشرق الأوسط وأفريقيا تضع القيادة والإدارة كأحد أعلى المهارات التي ستحتاج إليها في السنوات الخمس المقبلة ، إلى جانب ريادة الأعمال والمبادرات.
وتكمُن المشكلة الأكبر التي نواجهها عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي هي فجوة المهارات المتزايدة حول العالم. لذلك يجب على الشركات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا أن تستثمر حالياً بشكل أكبر في هذه المهارات الجديدة ، لتفادي عدم سير اعتماد هذه التقنيات على النحو المطلوبة.
ايجاد حلول للذكاء الاصطناعي
لتنفيذ الذكاء الاصطناعي بنجاح ، فإن تحديد مستوى المهارات الحالية للمؤسسة ، بالإضافة إلى الاحتياجات الحالية والمستقبلية يعتبر الخطوة الأولى للمضي قدماً نحو تحقيق هذا الهدف. وذلك لما تقدمه هذه الخطوة من توفير رؤية واستراتيجية واضحة حول أفضل الخيارات المناسبة التي يجب اتباعها على صعيد الاستثمارات والتحول الثقافي في مكان العمل.
ومع وضع قائمة بالمهارات ؛ والاحتياجات ؛ والأهداف ؛ والقيمة التي تعتزم الشركة لاكتسابها وتسخيرها من الذكاء الاصطناعي ، يأتي التدريب كعنصر أساسي يجب اشراكه أيضاً للمساعدة على تحقيق أفضل استخدام واعتماد لهذه التقنية ضمن نطاق واسع.
ومن هذا المنطلق أتاحت مايكروسوفت العديد من المبادرات التي تُعنى برفع مستوى مهارات الذكاء الاصطناعي ، وهي أفضل وجهة للبدء في رحلة التعلم ، حيث تشكل مبادرة Microsoft Cloud Society منصة تعليمية مجانية عبر الإنترنت مع مجموعة واسعة من الدورات التدريبية في تقنيات الذكاء الاصطناعي ، في حين توفر مبادرتها الأخرى المتمثلة في AI Business School ستة مسارات تعليمية لمجالات محددة بما في ذلك الخدمات المالية ؛ والرعاية الصحية ؛ وتجارة التجزئة ؛ والتصنيع ؛ إلى جانب الحكومة والتعليم.
وفي ظل تنامي توجه الشركات والموظفين نحو تحقيق أقصى استفادة من استخدام وفهم فوائد الذكاء الاصطناعي ، فإن قيمته الحقيقية كتقنية لتعزيز القدرة البشرية تتصاعد وتتألق بشكل تلقائي. وبالتالي سيتمكن أولئك الذين يجهزون قواهم العاملة ليكونوا محترفي وخبراء في الذكاء الاصطناعي من خلق مؤسسة تتسم بالمرونة والتنافسية قابلة للتكيف ومواكبة التغيرات.
The post يمنح الذكاء الاصطناعي الموظفين في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا الوقت المناسب للتعلم والابتكار appeared first on Microsoft | مركز أخبار الشرق الأوسط.