المصدر: صحيفة الخليج. اخبار التكنولوجيا المالية في الامارات.
مما لا شكّ فيه أن الاستثمار في تطوير البنية التكنولوجية وتحديثها والتحول الرقمي الذي شهدته دول كثيرة حول العالم خلال السنوات الماضية أثبت فعاليته في مواجهة تحديات وتداعيات كتلك التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”. فقد هزت هذه الجائحة العالم أجمع، ووجدت كثيرٌ من الدول نفسها أمام ظروف لم تختبرها من قبل، وتحديات جديدة على صعيد كفاءة العمل والخدمات في مختلف القطاعات ومن أهمها قطاع المصارف والمؤسسات المالية.
إلا أن الدول التي واجهت هذه التحديات وتخطتها بكفاءة كانت هي تلك التي اعتمدت التحول الرقمي في مجالات الحياة كافة، ومن هذا المنطلق فقد وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة عدة خطط واستراتيجيات جعلتها في مقدمة الدول المتطورة في التكنولوجيا والتحول الرقمي في مختلف القطاعات. وقد استشرفت دولة الإمارات المستقبل مبكراً من خلال المضي قدماً نحو العالم الرقمي عبر بنية تحتية تكنولوجية متطورة، تسمح بنقل وتبادل المعرفة والخدمات على مستوى عالمي، وجاءت جائحة كوفيد-19 لتعزز ذلك التحول وتؤكد على أهميته.
ومن هنا تأتي أهمية تعزيز الشراكة ما بين المصارف وشركات التكنولوجيا المالية للاستفادة المتبادلة ودعم التحول الرقمي وتيسير الحصول على الخدمات المالية، بالإضافة الى تعزيز دور المصارف في تحسين وتطوير البنية التحتية التكنولوجية لتوفير البيئة المناسبة لمتطلبات هذا التحول وتعزيز الشمول المالي مع أهمية التحسين المستمر لنظم إدارات المخاطر بما يتوافق مع تلك التطبيقات والنماذج، وقيام المصارف بدراسة سبل الاستفادة من تطبيقات تكنولوجيا الــ “بلوك تشين” في تنفيذ بعض أنشطتها، بالإضافة إلى وضع استراتيجيات لتأمين البيانات الخاصة بالعملاء، حيث يُعد أمن المعلومات من التحديات الرئيسية التي تواجه التحول الرقمي، بالإضافة إلى أهمية وضع إستراتيجية لتوعية العملاء بالخدمات المالية الرقمية وكيفية تأمين استخدامها مع التحقق من تأمين تطبيقات التكنولوجيا المالية قبل إطلاقها للعملاء.
وتتنوع الخدمات التي تقدمها المنصات الرقمية من خدمات فتح الحسابات واستقطاب العملاء الجدد إلى إتمام عمليات الدفع والشراء وتحويل الأموال والمعاملات عبر الإنترنت والهواتف المتحركة. وقد سعت المصارف لإيجاد تطبيقات جديدة للتواصل مع العملاء بشكل مباشر لتسهيل عمل هذه المنصات ومواكبة التطورات الهائلة والسريعة في عالم التكنولوجيا وثورة الاتصالات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، خاصة فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والمؤسسات المالية.
ومن هذا المنطلق علق عبد العزيز الغرير، رئيس مجلس إدارة اتحاد مصارف الإمارات قائلاً: “تأتي جهود اتحاد مصارف الإمارات لحث الأعضاء من المصارف والمؤسسات المالية في الدولة على الاستثمار في الوقت والجهد لتسهيل وصول الخدمات المصرفية والمنتجات المالية للمتعاملين بكفاءة عالية في ظل التحول الرقمي الذي نشهده اليوم، إلى جانب الحاجة الملحة الى الاستثمار في الابتكار ضمن بيئة قانونية ورقابية متخصصة، حيث يضع الاتحاد على رأس أولوياته أجندة دقيقة وإستراتيجية واضحة وطموحة في هذا المجال تعزيزاً لخطة الدولة في هذا الشأن، إضافة الى تفعيل مبادرات المصرف المركزي في التحول الرقمي، وقد يرافق هذا التحول بعض التحديات المتمثلة في العنصر البشري ومستوى الكفاءة العملية وضرورة التدريب المبكر للكوادر المصرفية المتمكنة والقادرة على مواكبة التطورات المتلاحقة في ظل التحول الرقمي وتحقيق متطلباته والتكيف معه، بحيث نكون قادرين على التعامل مع الابتكارات الحديثة في بيئة مستقبلية تشتد فيها المنافسة”.
يعتمد التحوّل الرقمي في المؤسسات المصرفية والمالية على عدة عوامل بالغة الأهمية، من حيث فهم احتياجات العملاء والتعامل معهم من منطلق الشراكة على المدى الطويل، وتطوير إستراتيجية رقمية واضحة من أجل تحديد وقياس وتحديث بيانات العملاء بصورة ملائمة ومتوافقة مع الأهداف العامة للمؤسسات، بالإضافة لاستحداث بنية أساسية لتكنولوجيا المعلومات قابلة للتطوير والتوسع، حيث إن الأمر لا يتعلق فقط بالخصائص التشغيلية للنظام؛ بل يتعلق أيضا بمدى توافق بنية وتصميم النظام والقدرة على الاتصال والاندماج بسهولة مع الأنظمة الأخرى.