المصدر: الشرق بلومبرغ.
تستعد مجموعة “سوفت بنك” لعرض ست شركات أخرى في محفظتها الاستثمارية للاكتتاب العام هذا العام، وهي تستند في ذلك على عائدات عام 2020 التي دفعت بقيمة ائتلاف “ماسايوشي صن” (مؤسس ورئيس المجموعة) التكنولوجي إلى أعلى مستوياته منذ ازدهار الإنترنت.
ومن بين الشركات الناشئة التي تتجه نحو عرض أسهمها للاكتتاب العام الأولي، نجد رائدة التجارة الإلكترونية في كوريا الجنوبية “كوبانغ كورب” (Coupang Corp)، ومشغل المتجر الإلكتروني الإندونيسي “بي تي توكوبيديا” (PT Tokopedia)، وعملاق التوصيل الصيني “ديدي تشوزانغ” (Didi Chuxing)، وفقاً لأشخاص مطَّلعين على الأمر، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً لخصوصية الموضوع. ويمكن أن يمنح الاكتتاب العام الأولي لـ “ماسايوشي صن” جولة أخرى من المكاسب الهائلة بعد العروض الناجحة من “دورداش” (DoorDash)، و”كي إي هولدينغ” (KE Holdings) في عام 2020.
التخلص من وصمة العار
بدأ “صن” العام الماضي في ظلِّ سحابة بعد الانهيار في “وي وورك” (WeWork)، ثم شهد انهيار أسهمه مع انتشار فيروس كورونا، وخسارة حوالي 18 مليار دولار في “صندوق رؤية” التابع لـ “سوفت بنك”. لكن الملياردير الياباني، تردد كثيراً في سحب السيولة من استثمارات، مثل مجموعة “علي بابا”، وانطلق في عمليات بيع غير معهودة، ليجمع أكثر من 50 ملياراً من خلال التخلص من الرهانات في “علي بابا”، و”تي موبايل يو إس”، وشركته المحلية التابعة “سوفت بنك كورب”. واستخدم هذه السيولة ليعيد شراء أسهمه الخاصة، مما دفع بسعر سهم “سوفت بنك” إلى أعلى مستوياته منذ عام 2000.
إن استمر الطلب على الاكتتابات العامة الأولية، فسيحسِّن هذا من فرص الشركات الناشئة المئة الأخرى في المحفظة الاستثمارية لـ “سوفت بنك”، وهذا سيمنح “ماسايوشي صن” مزيداً من الأصول السائلة للاستمرار في تمويل عمليات إعادة الشراء، أو ربما تحويل شركته إلى ملكية خاصة.
ويقول جاستن تانغ، مدير الأبحاث الآسيوية في “يوناتيد فيرست بارتنرز” في سنغافورة: “نجح “صن” في التخلص من وصمة عار “وي ورك” (WeWork)، ولم يعد أحد يتحدث عنها بعد الآن. كما أصبحت القصة تدور الآن حول مزيد من الخروج من الاستثمارات، واحتمالات الخصخصة”.
حتى بالنسبة لرجل كانت مسيرته المهنية مليئة بالنجاح والفشل الأسطوريين، فقد كان عام 2020 دراماتيكياً بشكل غير عادي بالنسبة لـ “ماسايوشي صن”. فخلال بضعة أشهر، خسرت “سوفت بنك” نصف قيمتها في الاضطرابات التي تسبب بها الفيروس، وأبلغت عن أضخم خسارة في تاريخها، ثم تعافت مع أرباح قياسية، وتقييم متصاعد.
تمَّ إنقاذ “صن”، على الأقل جزئياً، بفعل التكهنات الغريبة التي تجتاح الأسواق العالمية. وبتحفيز من هذه الحمى؛ وافق أشهر مموِّل في اليابان على بيع ذراع شركته لتصنيع الرقاقات في أضخم صفقة طوال مسيرته المهنية، وجرَّب حظَّه في التداول بخيارات الأسهم، ولمَّح إلى تحويل شركته إلى شركة خاصة. الآن، أصبح صندوق “رؤية” على الطريق للكشف عن ربع ثان من الأرباح القياسية؛ كما أنَّ “سوفت بنك” تجمع 525 مليون دولار من خلال “شركة شيك على بياض”.
كان لانتشار الوباء أثر غير متساوٍ على الشركات الناشئة التابعة لـ “صن”. ومع اتخاذ العديد من الأشخاص لمنازلهم كمأوى، قامت “سوفت بنك” بتخفيضات هائلة على قيمة عملاق المكاتب المشتركة “وي ورك” (WeWork)، وخدمة حجز الفنادق “أويو هوتيلز أند هومز” (Oyo Hotels & Homes). وفي الوقت نفسه، شهدت شركات توصيل الطعام والتجارة الإلكترونية آفاقها وهي تزدهر.
أقرب القادمين إلى السوق
قد تكون شركة “توكوبيديا” (Tokopedia) الأقرب إلى ظهورها الأول في السوق، فقد عيَّنت عملاقة المتاجر الإلكترونية الإندونيسية مستشاري في الشهر الماضي، قائلة إنَّها تدرس خيارات الطرح للعموم. وتجري الشركة محادثات للاندماج مع شركة توصيل الأشخاص “غوجيك” (Gojek) قبيل الإعلان عن الاكتتاب العام الأولي للشركة المشتركة. وعلى صعيد منفصل، فإنَّها تناقش تحولها إلى شركة ملكية عامة من خلال اندماجها مع شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة “بريدج تاون هولدينغ” (Bridgetown Holdings).
في كلا السيناريوهين، يمكن أن يتمَّ تقييم شركة “توكوبيديا” بحوالي 10 مليار دولار، ويمتلك صندوق “رؤية” حوالي ربع الشركة، وهي حصة حصلت عليها الشركة مقابل أقل من مليار دولار، على حدِّ تعبير الأشخاص المطَّلعين.
يمكن أن يحصل الاكتتاب العام الأولي لشركة “كوبانغ” في الربع الثاني من هذا العام. وقد يتمُّ تقييم عملاق التجارة الإلكترونية في كوريا الجنوبية بقيمة تتجاوز 30 مليار دولار، وفقاً لأشخاص مطَّلعين على الأمر. ودفع صندوق “رؤية” 2.7 مليار دولار للاستحواذ على حصته التي تبلغ 37% من الشركة، وغالبيتها بعد أن تمَّ تقييم الشركة بـ 9 مليار دولار، على حدِّ قوله.
تدرس شركة “بوليسي بازار” الهندية إدراج أسهمها في البورصة، التي قد تُقيِّم شركة التأمين الإلكترونية هذه بأكثر من 3.5 مليار دولار. واستثمرت “سوفت بنك” حوالي 200 مليون في الشركة عند تقييم 1.5 مليار قبل الدفع، وهي تمتلك حوالي 15% منها، على حدِّ قول ذلك الشخص. وتسعى شركة “أوتو 1 غروب” لجمع 1 مليار يورو (1.2 مليار دولار) في عرض سيقيّم الشركة الألمانية لبيع السيارات المستعملة عند سعر أعلى من 6 مليار دولار. كما دفعت “سوفت بنك” 600 مليون دولار مقابل حصتها البالغة 20% في الشركة عند سعر ما قبل التقييم، والبالغ 2.9 مليار دولار، على حدِّ قوله.
فرص شركات التوصيل
تمتلك “سوفت بنك” أيضاً حصة في “بايت دانس”، الشركة الصينية الأم لتطبيق “تيك توك” فائق النجاح. وتمَّ الاستثمار فيه 2.5 مليار دولار عند تقييم 75 مليار قبل الدفع، على حدِّ قوله. وتقوم هذه الشركة التي يقع مقرها في بكين بمحادثات لجمع المال عند تقييم يصل إلى 180 مليار دولار قبل إدراج بعضٍ من أعمالها في بورصة هونغ كونغ، كما أوردت بلومبرغ.
لعل أهم هذه الشركات هي “ديدي”. وكان “صن” أكبر مستثمر في شركات التوصيل، وساهم بأكثر من 20 مليار دولار في “أوبر تكنولوجيز”، و”ديدي” و”أولا” (Ola) الهندية، و”غراب” (Grab) في جنوب شرق آسيا. كما أصبحت “أوبر” شركة مساهمة عامة في عام 2019، لكن انطلاقتها المتعثِّرة خمدت الطلب على الأسهم المماثلة.
قفزت أسهم “أوبر” 71% في العام الماضي، مما يشير إلى أنَّ الأسواق قد انفتحت مجدداً أمام مثل هذه الشركات الناشئة التي تخسر المال. تدرس هذه الشركة عملاقة خدمات التوصيل في الصين إدراجها في الولايات المتحدة في النصف الثاني من هذا العام، على حدِّ قول أشخاص مطَّلعين. وتمتلك “سوفت بنك” حوالي 20% من الشركة بعد استثمار أكثر من 10 مليار دولار، مما جعلها أضخم استثمار منفرد في المحفظة الاستثمارية لصندوق “رؤية”.
ومن بين شركات “سوفت بنك” الأخرى التي قيل إنَّها بدأت الاستعداد للاكتتاب العام، نجد شركة الوساطة العقارية الأمريكية “كومباس” (Compass)، وشركة “غروفيرز” (Grofers) للبقالة عبر الإنترنت في الهند، وشركة “سينسز تايم غروب” (SenseTime Group)، أكبر شركة ذكاء اصطناعي في الصين.
فرصة الخلاص من وزر الخسائر
لقد نجحت بالفعل العديد من الشركات المدعومة من مجموعة “سوفت بنك” في ظهورها الأول بقوة. كما تضاعفت قيمة شركة “ليمونيد” (Lemonade) للتأمين على المنازل عبر الإنترنت أربع مرات منذ الاكتتاب العام الأولي في يوليو، في حين ارتفعت شركة تطوير عقاقير الأورام “ريلاي ثيرابيوتيكس” (Relay Therapeutics) بنسبة 90% منذ بدايتها التجارية. وأضاف إدراج شركة “كيه إي هولدينغ” (KE Holdings) في أغسطس، وهي منصة عقارية صينية عبر الإنترنت، مكاسب غير محقَّقة بقيمة 5.1 مليار دولار إلى أرباح صندوق “رؤية” في الربع المنتهي في سبتمبر. ومن المرجَّح أن يحقق الظهور الأول في السوق في الشهر الماضي لشركة “دورداش”، وهي شركة لتوصيل الطعام تمتلك فيها المجموعة حصة 20%، أرباحاً غير محقَّقة تزيد عن 10 مليارات دولار.
ويقول أتول جويال، كبير المحلِّلين في “جيفريز” (Jefferies): “إنَّ وجهة نظر أقل خيرية يمكن أن تشير إلى أنَّ أخطاء “صن” الماضية كانت من صنعه، لكنَّ النجاحات الأخيرة كانت في جزء كبير تعود للسوق التي تمنح “صن” الخلاص”.
أعلنت الشركات مدفوعة بتحفيز البنك المركزي، والمستثمرين الأفراد عن رقم قياسي، وقدره 208 مليار دولار في الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة العام الماضي. وكان ظهور “دورداش” التي تبلغ قيمتها 3.4 مليار دولار رابع أكبر ظهور، في حين احتلت “كيه إي هولدينغ” المركز السابع بـ 2.4 مليار دولار، وشكَّلت شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة ما يقرب من نصف الإجمالي.
تحتاج “سوفت بنك” إلى مزيد من النجاحات. كما تُخضع “علي بابا” أكبر ممتلكاتها قيمة للتدقيق من جانب سلطات مكافحة الاحتكار في الصين، وكان قد هبط سهم عملاق التجارة الإلكترونية بأكثر من 20% من ذروته في أكتوبر.
ويرى تانغ من “يونايتد فيرست بارتنرز” أنَّ “هناك فرصة سانحة لإدراج شركات المحفظة الاستثمارية “سوفت بنك”، وبيعها قبل أن يبدأ تعب الاكتتاب العام الأولي، نحن أقرب إلى نهايته من البداية.”