3826165291606500583

المصدر: الشرق بلومبيرج.
على الرغم من ظهور الأخبار الإيجابية بشأن لقاح فيروس كورونا، فلا يزال يتعين علينا الانتظار بسبب تزايد أعداد الإصابات المستمر في الكثير من أنحاء العالم، خاصة لأنَّ الاقتصاد لم يخرج تماماً من النفق المُظلم، طبقاً لتقرير صادر من “جي بي مورغان”.

ويبدو أنَّ هناك حاجة ماسة إلى دعم إضافي من الحكومات للشركات والمجتمعات التي تتأثر بالقيود، ومن المتوقَّع أن يستمر عدم اليقين مما يؤدي إلى القلق بشأن الاستثمارات.

ويعتقد محللو “جي بي مورغان” أنَّ الاقتصاد العالمي سيستمر في التعافي، وبدأت عملية الشفاء بالفعل في نهاية الصيف الماضي في بعض القطاعات، بما في ذلك الإسكان والتكنولوجيا.

وأما بالنسبة لأسواق رأس المال، فقد شهدت الكثير من الاضطرابات متأثرةً بالجائحة العالمية، إذ عانت من أكبر انخفاض لها على الإطلاق، بعد أن انخفض مؤشر “مورغان ستانلي” لجميع دول العالم (MSCI All Country World) بنسبة 34% من ذروته في 12 فبراير إلى أقل مستوى له على الإطلاق في 23 مارس، لكنَّه تعافى بوتيرة قياسية، محققاً أعلى مستوياته على الإطلاق مع حلول سبتمبر.

وتمَّ اتخاذ إجراءات غير مسبوقة من البنوك المركزية حتى تتلقى الشركات التمويل اللازم، والدعم المالي الذي عوَّض دخل العمال العاطلين عن العمل.

القوى الخمس المؤثرة
يعتقد محللو “جي بي مورغان” أنَّ هناك خمس قوى كبيرة يمكنها تشكيل الانتعاش الاقتصادي العالمي، وعائدات الأصول عام 2021، وهي: الفيروس، السياسة، التضخم، الأسهم، الدولار.

أما بالنسبة للفيروس، فعلى الرغم من أنَّ كورونا لا يزال يمثل خطراً مهماً، لكن من المتوقع أن يتضاءل تأثيره على الاستثمار خلال 2021، ولا يعتقد “جي بي مورغان” أنَّ اللقاح قد يكون شرطاً أساسياً للناتج الاقتصادي لتجاوز مستويات ما قبل الجائحة في قطاعات ومناطق معينة، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.

أما بالنسبة للسياسات المتبعة، فيتساءل محللو “جي بي مورغان” عن الحكومات التي ستستمر في تقديم الدعم لشعوبها بعد الجائحة، وتقديم الدعم للشركات المتضررة أيضاً؟ كما أضافوا أنَّ موقف السياسات العالمية داعمٌ للأصول ذات المخاطر، لكنَّ الاختلافات في دعم السياسات ستقود إلى نتائج نسبية. فمن المرجَّح أن يجد المستثمرون فرصةً للاستثمار في الأسهم الأمريكية والآسيوية، والسندات ذات العائد المرتفع، والشركات المعروضة للاستثمار في البنية التحتية الرقمية.

أما بالنسبة للتضخم، فتساءل “جي بي مورغان” عمّا إذا كان ارتفاع الأسعار سيتزايد بسرعة كبيرة أم ببطء شديد؟ كما أضافوا أنَّ التضخم المرتفع بشكل طفيف سيكون متسقاً مع خلفية النمو العالمي المتحسن، وتريد البنوك المركزية زيادة التضخم بشكل طفيف. إذ تعافت توقعات التضخم الآجلة بالفعل إلى مستويات ما قبل كورونا في الولايات المتحدة، لكنَّها لا تزال أقل من هدف الفيدرالي البالغ +2%. في غضون ذلك، لا تزال التوقُّعات في منطقة اليورو واليابان منخفضة. ونظراً لتوقعاتهم بأنَّ معدلات السياسات ستبقى بالقرب من الصفر على الأرجح لبضع سنوات؛ فإنَّ السيولة الزائدة لا تعدُّ جيدةً للمستثمر، مضيفين أنَّه يمكن للمستثمرين الاعتماد على السندات الأمريكية ذات العائد المرتفع، والأسهم المفضلة. علاوةً على ذلك يمكن أن تكون هناك فرصة للأصول التي تعمل بشكل جيد، عندما يرتفع التضخم من مستويات منخفضة، مثل العقارات، والبنية التحتية، والسلع.

وبما يتعلق بالأسهم، فطرح “جي بي مورغان “تساؤلاً عن مدى استدامة التقييمات الحالية الخاصة بالأسهم؟ إذ توقعوا أنَّ الاستثمار في الأسهم خلال العام المقبل سيتفوق على الاستثمار في أدوات الدخل الثابت.

وعن الدولار، قال محللو “جي بي مورغان” أنَّه من المحتمل أن يستمر في التراجع والضعف، ولكن بشكل متواضع بالمقارنة مع المستويات الحالية. فمن المرجَّح أن يقوم المستثمرون بتحويل الأموال من الملاذ الآمن في الولايات المتحدة إلى فرص ذات عائد أعلى في أماكن أخرى، مع استمرار التعافي العالمي، مضيفين أنَّه يجب على المستثمرين أن يكونوا على دراية بانكشاف العملات، وأن يأخذوا بعين الاعتبار المستفيدين من انخفاض الدولار مثل الأسواق الناشئة.

المخاطر الرئيسية
على الرغم من أنَّه يرجح أن تستمر عملية التعافي العالمي، وتحقيق الأسهم العالمية ارتفاعات جديدة في عام 2021، إلا أنَّ هناك بعض المخاطر الأساسية وفقاً للتقرير.

فبالنسبة للأسواق، فإنَّ المخاطر الأساسية التي يراها محللو “جي بي مورغان” تتمثل في الخوف من العودة المبكرة إلى سياسات التقشف، وحرب التكنولوجيا بين الولايات المتحدة والصين، وبعض بؤر التوتر الجيوسياسية.

إنَّ عدم اليقين يجعل المستثمرين متوترين، لكنَّ الحل الأمثل هنا، هو إيجاد خطة واضحة لتوجيه الاستثمارات، إذ يركز “جي بي مورغان” على ثلاثة محاور أساسية هي: التعامل مع التقلبات المتوقعة، وإيجاد العائد، والاستفادة من الفرص في الاتجاهات الكبرى للتحول الرقمي والابتكار في قطاع الرعاية الصحية، والاستدامة. كما أضافوا أنَّهم يرون ضرورة أن تظلَّ السياسة النقدية والمالية داعمةً للمستقبل المنظور، وهذا من شأنه أن يشجع الاستثمار والإنفاق، وأن يحافظ على الانتعاش. ولهذا السبب هم متفائلون حول الاستثمارات على الرغم من المخاطر. مضيفين أنَّه على الرغم من أنَّ نوبات دورية من التقلبات ستكون في السوق؛ إلا أنَّ المحافظ المتوازية يمكن أن ترتفع عام 2021 مدفوعة بالأسهم.

وأما بما يتعلق بالعودة السريعة عن سياسات التقشف؛ فقد يؤدي غياب سياسات الدعم المالي إلى خلق رياح معاكسة لعملية التعافي العالمية. ومن الواضح أنَّ العمال والشركات في القطاعات التي لا تزال معرضة للخطر سيحتاجون إلى المزيد من المساعدات. ولا يبدو أنَّ هناك حاجة مقنعة إلى رفض الدعم، بل هناك حجة قوية للتمسك به؛ لأنَّ الدعم المالي يدعم استمرار التعافي العالمي. وفي حين أنَّ بعض السياسيين سيقترحون بالتأكيد معالجة مستويات الديون الرهيبة من خلال خفض الإنفاق الحكومي، يعتقد محللو “جي بي مورغان” أنَّ مستويات الديون يمكن التحكم بها، فضلاً عن أنَّ تكلفة خدمة الديون في معظم البلدان المتقدمة تعدُّ منخفضة، وتبذل البنوك المركزية ما في وسعها للمساعدة في ضمان بقائها على هذا النحو.

ومن ناحية أخرى، يرى محللو “جي بي مورغان” أنَّ هناك العديد من النقاط الساخنة التي يمكن أن تتحول إلى صراع مثل التوترات في الشرق الأوسط، إذ يميل الصراع في المنطقة للامتداد إلى الاقتصاد، والأسواق المالية من خلال أسعار النفط، كما أضافوا أنَّ المنطقة في حالة من الغليان، ويجب مراقبتها. وأيضاً في أوروبا، إذ لايزال هناك خطر بما يتعلق بانفصال إيطاليا عن الاتحاد الأوروبي. وفي وقت عقدت بريطانيا اتفاقية بريكست مع أوروبا، أبدت اسكتلندا رغبتها بمغادرة المملكة المتحدة. أضف إلى ذلك الصراع غير الاقتصادي بين الصين، والولايات المتحدة؛ فقد تصاعدت التوترات العسكرية مع ضغط الصين على مطالبها الإقليمية في المنطقة، لكن من غير المرجَّح حدوث حرب مباشرة، غير أنَّ التوترات الأخيرة مثيرة للقلق، لأنَّها تعقد الصراع التجاري والاقتصادي.

أفضل أفكار الاستثمار في 2021
يرى المحللون في “جي بي مورغان” أنَّه بالإضافة إلى أهمية التحليل الدقيق، يتمُّ البحث باستمرار عن فرص داخل الأسواق للمستثمرين لتحقيق عوائد مقنعة على المدى القريب. وتعدُّ الاستفادة من الانتعاش العالمي المرتقب أفضل الأفكار التجارية لعام 2021؛ لأنَّهم يرون فرصة ذهبية في أسهم الأسواق الناشئة، والدخل الثابت.

ثانياً، التركيز على الأصول الحقيقية، إذ يعتقد محللو “جي بي مورغان” أنَّ البنوك المركزية ستنجح في احتواء معدلات التضخم المرتفعة حتى لو استغرق الأمر وقتاً طويلاً. لذلك، يجب على المستثمرين البحث عن الأصول التي تعمل بشكل جيد، عندما يرتفع التضخم من مستويات منخفضة. ويمكن أن تكون هناك فرص للاستثمار في الأسهم والسلع.

ثالثاً، الوضع في الاعتبار مسألة الرافعة المالية، وذلك لأنَّ البنوك المركزية تريد أن تعزز الاقتراض، ويعتقدون أنَّ الاستثمار في الطبقة العليا من سوق الولايات المتحدة الأمريكية ذات العائد المرتفع، واختيار سندات الشركات عالية الجودة في الأسواق الناشئة ذات الرافعة المالية المتواضعة، يمكن أن يعزز العوائد مع الحفاظ على جودة الائتمان.

رابعاً، يجب التنويع الحكيم لسلة العملات، إذ يتوقع “جي بي مورغان” ضعف الدولار الأمريكي بشكل طفيف مع استمرار تعافي الاقتصاد العالمي. لذلك يجب على المستثمرين التفكير في تنويع محافظهم الاستثمارية لاكتساب التعرض للأصول المقوَّمة بعملات أخرى.

خامساً، البحث عن الفرص، إذ يمكن أن توفِّر الأسواق التي يتمُّ التغاضي عنها فرصة لتحقيق عوائد ضخمة. على الرغم من المخاطر المحيطة بالشؤون المالية للبلديات والولايات؛ فإنَّ محللي “جي بي مورغان” إيجابيون بشأن السندات المحلية عالية العائد في الولايات المتحدة الأمريكية، بالنظر إلى التقييمات الجذابة، والعوائد النسبية المقنعة.

وأخيراً، يُعرب محللو “جي بي مورغان” عن تفاؤلهم بالمستقبل، بالرغم من المخاطر. لكنَّهم يوجهون الرسالة التالية للمستثمر: قبل أن تتصرف بناءً على هذا النوع من التفاؤل، تأكَّد أنَّ لديك استراتيجية استثمار قوية، وطويلة المدى تتوافق مع الأهداف التي لديك، فالتخطيط الشامل هو الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها بناء محفظتك، والثقة الكاملة بها، بموازاة التغلب على أيِّ تقلبات، ومفاجآت أخرى قد تجلبها لك 2021.