image1024x768

جاء ذلك في تقرير أممي جديد، صدر اليوم الأربعاء، بعنوان “أموال الشعوب: تسخير الرقمنة من أجل تمويل مستقبل مستدام.”

ويوضح التقرير، الذي أعدته فرقة عمل الأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالتمويل الرقمي، كيفية تسخير التمويل الرقمي بطرق تمكّن المواطنين كدافعي ضرائب ومستثمرين من تصور تحول رقمي واسع النطاق يجعل أموالهم موائمة لاحتياجاتهم، وهو ما تشير إليه أهداف التنمية المستدامة في مجملها.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن التكنولوجيات الرقمية، التي تحدث ثورة في الأسواق المالية، قادرة على قلب الموازين فيما يتعلق بتحقيق أهدافنا المشتركة. وأضاف:

“توفر فرقة العمل المعنية بالتمويل الرقمي لأهداف التنمية المستدامة القيادة اللازمة لتسخير الثورة الرقمية لتحقيق هذه الأهداف.”

تغيير جذري

World Bank / Simone D. McCourtie

وفي حين تبين الجائحة الفوائد المباشرة للتمويل الرقمي فهناك احتمال كبير بأن تُحدث الرقمنة تغييرا جذريا في تحويل التمويل.

فقد حولت تكنولوجيات الدفع الإلكتروني الهواتف الجوالة إلى أدوات مالية لأكثر من بليون شخص. وتدعم التكنولوجيا الرقمية البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في تطوير العملات والأصول المشفّرة، والإقراض بين الأقران، ومنصات التمويل الجماعي، والأسواق الإلكترونية.

كما استثمرت المصارف أكثر من تريليون دولار في تطوير التكنولوجيات الناشئة وإدماجها واقتنائها. وفي عام 2018، بلغ الاستثمار في التكنولوجيا المالية 120 مليار دولار، أي ثلث تمويل رأس المال الاستثماري العالمي.

مواجهة جائحة كـوفيد-19

ويسلّط التقرير الضوء على الاستجابة الرقمية التي تبناها مليارات الناس في جميع أنحاء العالم في مواجهة جائحة كـوفيد-19، من خلال استخدام الأدوات الرقمية للعمل والإنفاق والتواصل الاجتماعي.

وقالت ماريا راموس، الرئيسة المشاركة لفرقة العمل المعنية بالتمويل الرقمي التابعة للأمين العام للأمم المتحدة:

“لدينا فرصة تاريخية لتسريع وتوسيع نطاق الأثر التحويلي للرقمنة. فالتمويل الرقمی، الذي أصبح في هذه الأزمة شريان الحياة بالنسبة للملايين في جميع أنحاء العالم، يوسّع حدود تعميم الخدمات المالية من خلال تمكين المواطنين كمدّخرين ومستثمرين ومقترضين ومقرِضين ودافعي ضرائب، بشكل يمنحهم الخيار والسلطة على أموالهم.”

ويفيد التقرير بأن هناك فرصة تاريخية لتسخير الرقمنة لتسليم دفة قيادة التمويل للمواطنين بصفتهم المالكين النهائيين للموارد المالية في العالم، وذلك من أجل ضمان تلبيته لاحتياجاتهم الحالية والمستقبلية.

خمس فرص محفزة

وتحدد فرقة العمل خمس فرص محفزة لتسخير الرقمنة في مواءمة التمويل مع أهداف التنمية المستدامة. وهي تغطي في جملتها قسماً كبيراً من التمويل العالمي:

  • مواءمة التجمعات الضخمة المتدفقة عبر أسواق رأس المال العالمية مع أهداف التنمية المستدامة.
  • زيادة فعالية ومساءلة التمويل العام الذي يشكل جزءا رئيسيا من الاقتصاد العالمي.
  • توجيه المدخرات المحلية المجمّعة رقميا إلى التمويل الإنمائي الطويل الأجل.
  • إعلام المواطنين بكيفية ربط إنفاقهم الاستهلاكي بأهداف التنمية المستدامة.
  • التعجيل بالتمويل الحيوي من أجل توفير فرص العمل وإدرار الدخل للأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم.

Worldreader

تمكين المواطنين من مواجهة التحديات

أما أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والرئيس المشارك لفرقة العمل المعنية بالتمويل الرقمي التابعة للأمين العام للأمم المتحدة، فقال إن جائحة كوفيد-19 تكشف عن الإمكانات الهائلة التي يملكها التمويل الرقمي لإحداث أثر تحويل، مشيرا إلى أن التحويلات الرقمية تمكّن الحكومات من توفير الدعم لمن يحتاجه، “فقد حشدت منصات التمويل الجماعي الأموال للإمدادات الطبية والإغاثة في حالات الطوارئ، وأصبحت الشركات الصغيرة تحصل على الأموال بشكل أسرع بفضل الإقراض الحسابي.” وأضاف:

“إن السرعة التي انتشرت بها هذه التكنولوجيات مؤخرا مذهلة، ولكن تحقيق التقدم لن يكون تلقائيا. فلكي تصبح الرقمنة قوة حقيقية تؤدي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يجب أن تقترن التطوُّرات التكنولوجية بسياسة سليمة تمكّن المواطنين ونظامنا المالي من مواجهة تحديات الاستثمار الملحة التي يجب التغلب عليها للمضي قدما على نحو أفضل.”

القدرات الجديدة والابتكارات

يمثل برنامج فرقة العمل المعنية بالتمويل الرقمي نداء عمل موجَّه للشركات وواضعي السياسات والجهات التي تتحكم في القطاع المالي لكي تفعل ما يلزم لاغتنام هذه الفرص. وهو لا يمنح حلولا فحسب بل ويبين الطريقة، ألا وهي الاعتماد على الاستثمارات والقدرات الجديدة والابتكارات في مجال الحوكمة لتحقيق المطلوب.

وتخلص فرقة العمل إلى أن تسخير الرقمنة من أجل الصالح العام لا يمثل حتمية تمليها التكنولوجيا بل هو خيار واعٍ.  ويشير برنامج عمل الفرقة إلى الإجراءات اللازمة للتغلب على المخاطر الرقمية التي يمكن أن تكرّس الإقصاء والتمييز وأوجه عدم المساواة، وتعمّق الهوة بين التمويل واحتياجات التنمية الشاملة والمستدامة، إذا لم يتم التخفيف من حدتها.