المصدر: جريدة المال.
عززت البنوك العاملة بالقطاع المصرفي المصري مخصصاتها خلال الربع الثالث مع العام الماضي، لاحتواء مخاطر أزمة جائحة فيروس كورونا وتأثيراتها المتوقعة على العملاء المقترضين.
وأظهر مسح أجرته «المال» على قوائم مالية لنحو 16 مصرفاً أفصحت عن مؤشراتها المالية بنهاية الربع الثالث من 2020، أن نحو 14 منها رفعت مخصصات خسائر الائتمان المتوقعة بنسبة تتراوح بين 4 إلى %35 بنهاية سبتمبر الماضي، مقارنة بنهاية ديسمبر 2019، بينما تراجعت في اثنين فقط.
ويرى مصرفيون أن أزمة فيروس كورونا فرضت على البنوك التحوط من المخاطر المحتملة لخسائر الائتمان، ما دفعها خلال العام الماضي إلى تعزيز المخصصات بشكل ملحوظ.
وذكروا أن زيادة المخصصات كان لها تأثير على الأرباح، إلا أنها مهمة في الوقت نفسه للسلامة المالية للمؤسسات المصرفية العاملة في السوق المصرية، مشيرين إلى أنه مع استمرار أزمة فيروس كورونا ووجود حالة عدم اليقين العالمية؛ ستواصل البنوك تعزيز تجنيب المخصصات.
وقال البنك المركزي المصري في تقرير الاستقرار المالي الصادر مؤخرًا، إن القطاع المصرفي أظهر استقرارا في تحسن مؤشرات السلامة المالية حتى مع تداعيات جائحة كورونا، وانعكس ذلك في ارتفاع الملاءة المالية للبنوك، حيث سجل معدل كفاية رأس المال %20.1 في يونيو مقابل %18.6 في مارس 2020، وتحسنت نسبة القروض غير المنتظمة والتي سجلت %3.9 في يونيو مقابل %4.1، مع الاحتفاظ بنسبة تغطية مرتفعة بلغت %97.2 في يونيو 2020، بالإضافة إلى مستوى السيولة المرتفع سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية والذى سجل %54.3 و%70.3على التوالي، ونسبة عالية لتغطية السيولة وصلت إلى %932.5 بالعملة المحلية ونحو %170 بالعملة الأجنبية في يونيو 2020؛ وهو ما يعكس كفاءة البنوك في إدارة كافة المخاطر الرئيسية المتمثلة في مخاطر الائتمان والسوق والسيولة.
قال محمد عبدالعال، الخبير المصرفي، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن اتجاه البنوك المصرية لزيادة مخصصاتها خلال العام الماضي، جاء وفقا لمعايير إدارة مخاطر الائتمان وتحسبًا لأي تعثرات محتملة، نتيجة أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأضاف أن المعايير الدولية والبنوك المركزية بما فيهم البنك المركزي المصري طالبوا البنوك بدعم مخصصات خسائر الائتمان المتوقعة لمواجهة أى تداعيات محتملة للجائحة، بالإضافة إلى المعايير المحاسبية التاسعة التي بدأت البنوك في تطبيقها والتي تلزمهم بتجنيب مخصصات للخسائر المستقبلية؛ ما جعلها تتوخى الحذر.
ويرى عبد العال، أنه في ظل حالة عدم اليقين الحالية بشأن جائحة كورونا، لا يمكن الجزم باستمرار البنوك في تدعيم مخصصاتها بشكل متزايد، مشيرًا إلى أنه في الربع الثاني من العام الجاري، ومع قياس نجاح السيطرة على الوباء، يمكننا الحديث عن التوجهات المستقبلية بشأن المخصصات.
وبشأن تأثيرات تجنيب البنوك لمخصصات خلال العام الماضي وتأثيرها على الأرباح، قال محمد عبد العال: “هي خسائر مؤقتة ستُرَحّل فيما بعد إلى أرباح أو لتدعم المركز المالي للبنك”.
وأضاف: “أعتقد أن المركز المالي للقطاع المصرفي قوى، بدعم من البنك المركزي والإجراءات والقرارات التي اتخذها خلال الأزمة، ولا أتوقع أن ترتفع معدلات التعثر بالقطاع”.
وبحسب أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي، تراجعت نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض بالقطاع المصرفي المصري، إلى %3.4 في نهاية سبتمبر 2020، مقارنة مع %4.2 نهاية ديسمبر 2019.
ويرى طارق متولي النائب السابق لرئيس مجلس إدارة بنك بلوم، أن المخاطر المحتملة لفيروس كورونا واضحة على قطاع الأعمال، ما دفع البنوك إلى التحوط عبر زيادة مخصصات خسائر الائتمان المتوقعة.
وأضاف أن تعزيز المخصصات في البنوك جاء بناء على المعطيات الحالية الخاصة بالائتمان والتوقعات المستقبلية، وأن إدارات المخاطر والإدارة العليا في كل بنك ملزمة بالتحوط من خسائر الائتمان في ظل استمرار الجائحة، قائلًا: “لابد أن تتحوط البنوك، لأن الإدارة العليا مسؤولة عن سلامة المؤسسة وأموال المودعين وليس الأرباح”.
وأضاف متولي أن المهم بالنسبة للبنوك في الوقت الراهن ليس تحقيق أرباح جيدة، ولكن السلامة المالية للمؤسسة تحسبا لأي مخاطر، وأنه بالرغم من ذلك حققت أغلب البنوك المصرية أرباحًا جيدة على مدار العام الماضي، في حال تحييد أثر تعزيز مخصصات خسائر الائتمان.
وتابع: “الأرباح لم تتأثر، حينما نحيد المخصصات جانبًا نجد أن أغلب البنوك حققت أرباحاً جيدة أعلى من معدلات العام الماضي، لكن نتيجة الاحتياطيات والمخصصات انخفضت الأرباح”.
وأظهرت بيانات قطاع الرقابة والإشراف بالبنك المركزي، تراجع صافي أرباح البنوك العاملة في مصر بنسبة %25 خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، لتسجل 45.549 مليار جنيه، مقابل 60.758 مليار في نهاية سبتمبر 2019.
وبالرغم من تراجع الأرباح، ارتفع صافي الدخل من العائد للبنوك المصرية بنسبة %5.2 ليسجل 110.67 مليار جنيه، وصافي إيرادات النشاط بنسبة %3 ليسجل 132.208 مليار جنيه بنهاية التسعة أشهر الأولى من 2020.
وذكر طارق متولي أن البنوك العاملة في مصر تعمل على تحقيق نمو مستدام، ويجب أن يتم ذلك من خلال التحوط من الأزمات المستقبلية التي قد يخلفها الوباء.
وقال إن زيادة المخصصات بمعدلات كبيرة لا تعنى أن هناك مشاكل في الائتمان الممنوح أو التعثر، وأن وضع أزمة «كورونا» فرض ذلك، وأنه في حالة الأوضاع العادية حينما تزداد المخصصات بنسب مرتفعة تكون هناك أزمة في قطاع الائتمان.
وتابع: “ليس هناك مشاكل في قطاع الائتمان، بسبب زيادة مخصصات خسائر الائتمان المتوقعة”.
مصدر: تم رفع المخصصات لتمويلات القطاعات الأكثر تأثرًا بالوباء
وقال مصدر بقطاع مخاطر الائتمان بأحد البنوك، إن المصارف بدأت في تجنيب وتعزيز مخصصات خسائر الائتمان مع بداية أزمة فيروس كورونا، لتمويلات القطاعات الأكثر تأثرًا مثل السياحة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وطبقا لتقرير الاستقرار المالي، قام البنك المركزي المصري بتفعيل دور شركة ضمان مخاطر الائتمان في مبادرة دعم قطاعات الصناعة والزراعة والمقاولات، ومبادرة قطاع السياحة بضمانة وزارة المالية، وتوسيع نطاق نشاط الشركة ليشمل ضمان الشركات الكبرى بالإضافة إلى ضمان الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، مع قيام البنك المركزي بإصدار تعهدات لصالح الشركة لضمان أرصدة الضمانات الصادرة منها لصالح البنوك، بقيمة 7 مليارات جنيه في إطار مبادرة دعم قطاعات الصناعة والزراعة والمقاولات، و3 مليار جنيه في إطار مبادرة دعم قطاع السياحة بضمانة وزارة المالية، لتغطية نسبة من المخاطر المصاحبة لتمويل كافة أنواع التسهيلات الممنوحة في إطار المبادرتين.
ووفقًا للمسح الذي شمل القوائم المالية للبنوك، رفع البنك التجاري الدولي مخصصات خسائر الائتمان المتوقعة بنسبة %22.78 لتصل إلى 15.4 مليار جنيه بنهاية سبتمبر الماضي، مقارنة بنحو 12.54 مليار جنيه نهاية ديسمبر 2019.
وصعدت مخصصات خسائر الاضمحلال لدى بنك القاهرة بنسبة %34.6، لتسجل 6.129 مليار جنيه نهاية سبتمبر 2020، مقابل 4.553 مليار نهاية ديسمبر 2019.
وفى بنك QNB الأهلي، أظهرت القوائم ارتفاع المخصصات بنسبة %19.52 لتصل إلى مستوى 8.748 مليار جنيه في سبتمبر من 7.319 مليار جنيه في ديسمبر السابق عليه.
وبحسب المسح، قفزت مخصصات خسائر الائتمان المتوقعة لدى البنك المصري الخليجي بنسبة %34.9 بنهاية الربع الثالث من العام الماضي، لتسجل 1.496 مليار جنيه، مقابل 1.109 مليار جنيه بنهاية 2019.
كما رفع البنك الأهلي الكويتي مخصصات خسائر الاضمحلال بنسبة %32.3 لتصل إلى 671 مليون جنيه نهاية سبتمبر 2020.
وطبقا للقوائم المالية، تراجعت المخصصات في بنكي «فيصل الإسلامي» و«التعمير والإسكان»، بنسبة %35.16 و%9.11 على التوالي في نهاية سبتمبر الماضي.