ما سبب تماسك وول ستريت رغم ضبابية الانتخابات؟

خلافا للتوقعات، تسجل بورصة وول ستريت أداء جيداً ما يتناقض مع المعطيات الراهنة في ضوء تخلف مرشحها المفضل دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، واحتمال حصول تعايش في البرلمان بين الجمهوريين والديمقراطيين، ما يقلص فرص انتعاش الاقتصاد الذي يعاني من جائحة كوفيد-19.

وكان أكثر ما تخشاه وول ستريت عدم اليقين على صعيد نتائح الانتخابات، لكن مؤشر داو جونز يسجل ارتفاعا نسبته 7% تقريبا على أسبوع، فيما مؤشر ناسداك للشركات التكنولوجية ارتفع 9%.

وخلافا لما توقعه دونالد ترمب من انهيار في البورصة في حال فوز خصمه الديمقراطي، يبدو أداء وول ستريت جيداً بعد ثلاثة أيام على الاقتراع الذي يقترب بايدن من الفوز به، وفقا لما نقلته “فرانس برس”.

وكان ترمب قال خلال المناظرة الرئاسية الأخيرة إنه في حال فاز جو بايدن في الانتخابات فستذهب مدخرات التقاعد هباء في الولايات المتحدة.

ولطالما اعتد المرشح الجمهورية بأداء وول ستريت كدليل على نجاح إدارته وتوقع مصيرا أسود لحسابات الادخار التقاعدي هذه المستثمرة في البورصة من قبل 43% من الأميركيين تقريباً.

ومنذ وصوله إلى السلطة في 2017 ارتفع مؤشر داو جونز بمقدار الثلث وناسداك الضعف تقريباً.

ومع إجراءات الخفض الضريبي للشركات وتخفيف القيود، كانت سياسة دونالد ترمب مؤاتية جدا لوول ستريت.

وتتلقى البورصة التي تعمل على أساس مسبق، بإيجابية احتمال وصول بايدن إلى البيت الأبيض في حال أدى التعايش في البرلمان بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إلى لجم برنامجه.

وقال بيتر كارديلو كبير المحللين لدى “سبارتان كابيتال” إن “هذا يعني أننا سنكون في طريق سياسي مسدود نوعاً ما وهو أمر إيجابي للسوق”.

لكن الضحية الأولى ستكون النمو الاقتصادي. فخلال مفاوضات طويلة لم تفض إلى نتيجة قبيل الاقتراع، فشل الديمقراطيون في إقناع الجمهوريين باعتماد خطة مساعدة إضافية بقيمة 2200 مليار دولار للشعب الأميركي وشركات البلاد لمواجهة عواقب كوفيد-19.

وتحبذ وول ستريت حصول انتعاش يؤدي إلى ارتفاع الاستهلاك وتحسن الاقتصاد إلا أنها لا ترحب بإجراءات تحفيز كبيرة. فعلى المدى الطويل، يؤدي ارتفاع الإنفاق في الميزانية إلى فرض مزيد من الضرائب لتمويلها.

وقال باتريك أوهير من “بريفينغ.كوم” أنه في ظل سيناريو التعطيل السياسي “ترى السوق أنه في حال فاز نائب الرئيس السابق جو بايدن لن يحصل أي تغيير غير مواتٍ لها في السياسة الضريبية”.

ويعني غياب “المد الأزرق” الديمقراطي أن بايدن سيواجه صعوبات أكبر في تمرير زيادة في الضرائب على الشركات الكبرى والثروات الأميركية الطائلة والأرباح المحققة في البورصة.

فمنذ العام 1944، ارتفع مؤشر “اس أند بي 500” بنسبة 8,6% سنويا عندما كان الرئيس يواجه برلمانا منقسما على ما يقول سام ستوفال من “سي أيه آر أيه”.

إلا أن المفارقة تبقى لافتة بين الأداء الممتاز لمؤشرات البورصة وتأثير جائحة كوفيد-19 على أكبر اقتصاد عالمي مع ما يحمله من عمليات تسريح وإفلاس.

وأسباب القلق لم تختف، فالجائحة لا تزال تنتشر مع أكثر من 120 ألف إصابة يومية في الولايات المتحدة الخميس، فيما تعود أوروبا إلى الإغلاق، والانتعاش يتباطأ.

إلا أن المستثمرين يستمرون بتفضيل وول ستريت. فرؤوس الأموال الكثيرة التي ضخها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في النظام المالي أدت إلى خفض نسب الفائدة إلى أدنى مستوى لها. لذا يبحث المستثمرون عن عائدات بعيدا عن السندات المالية مع المراهنة على الأصول التي تنطوي على مجازفات أكثر مثل الأسهم.

وفي حال حصول أزمة اقتصادية، تبقى وول ستريت واثقة. فأيا يكن الرئيس المقبل “سيتم إنفاق مبالغ كبيرة بشكل خطة لإنعاش الاقتصاد أو شكل استثمارات في البنى التحتية”.