المصدر: الشرق بلومبيرج.
قالت وكالة التصنيف الائتماني “فيتش” إن البنوك السعودية واجهت ضغوطا متزايدة في البيئة التشغيلية منذ الربع الأول من 2020 بسبب التأثير المزدوج لفيروس كورونا وانخفاض أسعار البترول، وهو ما أضعف جودة الأصول وربحية القطاع.
ومع ذلك، دعم النمو القوي للقروض في الشهور العشرة الأولى من العام الجاري بنسبة 12.7% بجانب علامات التعافي في البيئة التشغيلية المقاييس المالية للبنوك، ولكن حذرت “فيتش” من أن التأخر في تحديد أوجه الضعف وتباطؤ وتيرة النمو والتشديد المتزايد للأوضاع المالية العامة بمثابة مخاطر رئيسية.
وكانت “فيتش” قد عدلت نظرتها للبنوك السعودية إلى سلبية في الربع الرابع من 2020 بما يعكس الضغوط على البيئة التشغيلية والنظرة السلبية للتصنيف السيادي، ومع ذلك لا يزال تصنيف القطاع عند “+bbb” وهو الأعلى في دول مجلس التعاون الخليجي.
وتعتقد “فيتش” أن السعودية لديها القدرة والاستعداد لدعم القطاع المصرفي نتيجة المرونة المالية القوية التي تظهر في تصنيف ديونها السيادية، وهو ما يسهل وصولها لأسواق الديون العالمية، كما أن الاحتياطيات النقدية الأجنبية رغم تراجعها لا تزال وفيرة.
وتتوقع “فيتش أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بنسبة 4.3% في 2020، ولا يزال هناك عدم يقين بشأن طول فترة التراجع، وتتواصل معاناة بعض القطاعات غير البترولية، وضعفت قدرة بعض الشركات على خدمة ديونها.
جودة الأصول
وترى فيتش أن تدهور البيئة التشغيلية سوف يضغط على محافظ الائتمان، وتتوقع أن تنخفض جودة الأصول نتيجة ضعف ميزانيات الشركات، ولكن التأثير سيكون أقل حدة على بنوك التجزئة – حيث توجه أغلب التمويلات إلى الموظفين في القطاع العام – بشرط ألا يشهد القطاع العام تسريحات كبيرة للموظفين أو تتزايد حدة تدابير التقشف التي من شأنها التأثير على سلوك المستهلكين.
ورغم التدهور المتوقع في جودة الأصول، فإن التأثير سوف تعوضه برامج تأجيل سداد القروض والمرونة التنظيمية في تحديد أوجه الضعف في القطاع حتى الربع الأول من 2021.
وقالت “فيتش” إن تأثير الوباء على أرباح البنوك كان واضحا منذ الربع الأول من 2020، وأدى خفض البنك المركزي السعودي لأسعار الفائدة إلى تقليص الهوامش خاصة في البنوك ذات النسب العالية من الودائع بلا فوائد.
وتتسبب أحجام التداول المنخفضة وتراجع النشاط الاقتصادي في تقليص الدخل من الرسوم، كما قد ترتفع مخصصات خسائر القروض في 2021 مع تعديل البنوك لنماذجها لتشمل سيناريوهات أكثر ضبابية.
وذكرت “فيتش” في تقريرها أن البنوك السعودية استفادت من الاحتياطيات النقدية القوية بمتوسط حقوق مساهمين من المستوى الأول “Tier 1” عند 17.8% بنهاية الربع الثالث من 2020، رغم تراجعها عن المستويات السابقة.
وتوقعت “فيتش” أن تحافظ البنوك السعودية على هذه المستويات الصحية في 2021 نتيجة تعويض النمو الأبطأ في إقراض الشركات والامتناع المحتمل عن توزيع الأرباح وتعافي الأعمال للتأثير المحتمل من خسائر القروض المتوقعة، ما سيدعم توليد رأس المال المحلي.
مخاطر العملة محدودة
وترى الوكالة أن السيولة في القطاع المصرفي سوف تظل عند مستويات جيدة نتيجة استفادة القطاع من الحصة المرتفعة للودائع المستقرة منخفضة التكلفة ومن الأسواق الرأسمالية الآخذة في الاتساع نتيجة الإصدارات الحكومية الكبيرة للديون، بجانب ضخ السلطات للأموال، وهو ما سيحافظ على السيولة في النظام.
كما تتوقع “فيتش” أيضا أن تستفيد محافظ الشركات لدى البنوك السعودية من المنافسة المحدودة، فالبنوك لديها نماذج أعمال متشابهة وتركز بشكل خاص على السوق المحلي، كما ترى الوكالة مخاطر سوقية متواضعة بالنظر إلى بيئة الفائدة المنخفضة والنسبة العالية من الودائع بلا فائدة، كما أن مخاطر العملة محدودة نظرا لأرصدة العملات الأجنبية الصغيرة والارتباط القوي بين الريال والدولار.
وأكدت الوكالة أن جودة الأصول لا تزال قوية وفقا للمعايير العالمية في ظل وقوف نسبة القروض المعدومة عند 2.3% في نهاية النصف الأول من 2020 (1.9% نهاية 2019، و2% نهاية 2018)، ويعود الارتفاع في نسبة القروض المعدومة إلى البيئة التشغيلية الأضعف جراء كوفيد19، ومع ذلك، كان التدهور معتدلا بالنظر إلى تدابير الدعم التي قدمت للمقترضين تأجيلا مؤقتا للمدفوعات التي يمتد بعضها للربع الأول من 2021.
وقالت “فيتش” إن بعض الضغوط جاءت من قطاع الإنشاءات في السنوات الأخيرة في ظل تأخر استلام المدفوعات الحكومية ما أثر على المقاولين من الباطن والقطاعات المرتبطة بهم، كما أن قطاع التجزئة ووكلاء السيارات عانوا من ضعف ثقة المستهلكين.
قروض التجزئة
ومع ذلك تتوقع “فيتش” أن يواصل النمو المرتفع في قروض التجزئة تعويض الخسائر المتوقعة من محافظ إقراض الشركات رغم أن تشديد تدابير التقشف يمكن أن تعكس هذا الاتجاه.
وقالت “فيتش” إن الربحية تعد عامل قوة لدى البنوك السعودية رغم تضررها من ضغوط البيئة التشغيلية في الربع الأول، ولكن لا يزال التأثير محدودا نظرا لاستفادة البنوك من تكاليف التمويل الأقل ومن الودائع بلا فائدة كبيرة التي ضخها البنك المركزي في القطاع، وأيضا من النمو الكبير في قروض الرهن العقاري ما دعّم هوامش الفائدة الصافية التي تضررت من الخفض الكبير في الفائدة في الربع الأول من 2020.
وأضافت الوكالة أن مستويات رأس المال في البنوك السعودية جيدة مقارنة بنظرائها في العالم، وحافظ القطاع على مستويات رأس مال عالية في التسعة أشهر الأولى من 2020 رغم الوباء والنمو القوي في القروض.
وارتفعت توزيعات الأرباح تدريجيا إلى 65% من صافي الدخل في 2019 من 41% في 2015، وهو ما يعكس بالفعل الاحتياطيات النقدية القوية في بيئة النمو المنخفض للقروض في السنوات السابقة، حيث كان للبنوك فرص محدودة لاستغلال احتياطياتها الضخمة، وبالتالي ترى وكالة التصنيف الائتماني أن البنوك السعودية لديها رأس مال كافٍ للنمو ولتحمل الخسائر غير المتوقعة، كما تتوقع احتفاظ القطاع بتوزيعات الأرباح في 2020 – إذا تطلب الأمر – ما سيدعم الاحتياطيات النقدية أكثر.