Music (1)
منصة أنغامي للبث الموسيقي أعلنت مطلع الشهر الحالي اندماجها مع شركة استحواذ ذات أغراض خاصة

المصدر: فوربس الشرق الأوسط. اخبار البنوك في الشرق الأوسط.

تردد مصطلح “شركة استحواذ ذات أغراض خاصة” أو SPAC كثيرا مؤخرًا، بعد أن جمعت المئات من تلك الشركات – خصوصا في الولايات المتحدة – عشرات مليارات الدولارات عام 2020.

فوربس الشرق الأوسط تسلّط في هذا التقرير الضوء على ظاهرة انتشار SPACs والتي يطلق عليها أيضاً مصطلح شركات “الشيكات الفارغة”، خصوصا بعد أن أعلنت شركة أنغامي مطلع الشهر الحالي اندماجها مع شركة استحواذ ذات أغراض خاصة. فما هي طريقة عمل تلك الشركات، لماذا ذاع صيتها مؤخرًا ومن المستفيد منها؟ وهل هي فقاعة أم بديل أنسب وأقل تكلفة مقارنة بالاكتتابات العامة التقليدية؟

  • ما هي SPAC؟

يتم تأسيس شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة SPACs لجمع أموال من البورصة عبر اكتتاب عام أولي، من دون أن يكون لها سابقة أعمال تجارية. وبعد الاكتتاب، تقوم باستغلال الحصيلة للاستحواذ أو الاندماج مع شركة خاصة وتحوّلها إلى شركة عامة.

يتم إطلاق SPACs من قبل شخص أو فريق يتمتع بخبرة واسعة في مجال الأعمال، وعادة ما يكون أمامهم مهلة عامين فقط للعثور على صفقة استحواذ والمضي قدمًا بها، وإلا يتم حل الشركة ورد التمويلات لأصحابها.

إذا SPACs هي طريقة لإدراج الشركات في أسواق المال، لكنها تختلف بشكل كبير عن الاكتتاب المتعارف عليه. فعند جمع الأموال من المستثمرين خلال الاكتتاب مثلا، لا يُعلن مؤسسو أو رعاة الشركات عن خطط عمل أو أهداف واضحة بخلاف ما يحدث في الاكتتابات التقليدية، لذا فهي تُعد بمثابة “شيك على بياض” يمنحه المستثمرون لأصحاب الخبرة الذين يؤسسون SPACs. ويطلق على تلك الشركات في بعض الأحيان مصطلح “شركات وهمية”.

ويلجأ المستثمرون عادة إلى SPACs لأن إجراءاتها أقل تعقيدًا من الاكتتابات التقليدية، كما أنها أقل تكلفة، ولا تتطلب وجود سابقة أعمال للشركة، ولا يضطر مؤسسو تلك الشركات للإفصاح عن أي خطط مستقبلية بخلاف ما يحدث في الطروحات الأولية المتعارف عليها. حتى أن صفقة الاستحواذ التي يتم ضخ حصيلة الاكتتاب بها لا تكون مُحددة عند جمع التمويل.

  • 305 شركات و85 مليار دولار

زاد عدد الاكتتابات الأولية من خلال شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة إلى 305 في 2020، وقد جمعت تمويلات قياسية بلغت قيمتها 84.66 مليار دولار، كما يتسارع التوجه نحوها بشكل أكبر في 2021، حيث تم الانتهاء من 269 اكتتاب بنهاية 12 مارس/آذار الحالي وجمعت 81.7 مليار دولار، بحسب بيانات لـ S&P Global Market Intelligence data.

تهيمن الولايات المتحدة على المشهد إلى حد كبير، وقد شهدت منذ بداية 2020 وحتى مارس الحالي نحو 504 اكتتابات عبر تلك الآلية، وتجاوزت حصيلة ثلاثة أشهر من 2021 تقريبًا إجمالي ما جمعته شركات SPACs في الولايات المتحدة خلال 2020 بأكمله. بينما على الجانب الآخر، لا تحظى شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة بالجاذبية نفسها في باقي دول العالم. وشهدت منطقة آسيا والمحيط الهادئ 46 طرحًا لشركات SPACs، و13 في أوروبا، وتسعة طروحات أولية في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، وطرحين اثنين في الشرق الأوسط.

  • كيف تعمل؟

تقوم شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة بجمع تمويلات من خلال اكتتاب عام أولي، ويكون هدفها الاستحواذ على شركة قائمة بالفعل وغير مدرجة في البورصة. وبعد ذلك، تندمج الشركتان معًا، وتصبح الشركة المسُتحوذ عليها هي الأخرى عامة أو مدرجة في البورصة، وذلك من دون الحاجة للمضي قدمًا في إجراءات الاكتتاب التقليدية.

أظهر تقرير لـشركة برايس ووتر هاوس كوبرز PWC، أنّ هذا النهج يوفّر العديد من المزايا مقارنة بالاكتتاب العام التقليدية، مثل إتاحة رؤوس أموال للشركات، وخفض الرسوم والتكاليف، بالإضافة لتقليل الجدول الزمني الذي تحتاجه الشركات للتحول من خاصة إلى عامة. ومع ذلك، تظهر تحديات مثل ضرورة إتمام كافة الاستعدادات اللازمة للتحول لشركة عامة خلال وقت قصير، فضلًا عن إعداد تقارير مالية ومحاسبية معقدة.

ورغم مزاعم قلة تكلفتها مقارنة بالاكتتابات التقليدية، إلا أنها تنطوي هي الأخرى على تكاليف خفيّة، حيث يقوم الرعاة أو المؤسسون بتخصيص تعويضات لأنفسهم مقابل مجهوداتهم في التأسيس والإدارة، ويحصلون على أسهم تعادل 25% من حصيلة الاكتتاب، أو ما يوازي 20% من الأسهم بعد الطرح.

  • المافيا أكبر المستفيدين

تحصد صناديق التحوط المعروفة باسم “Mafia SPAC” غالبية العوائد، بحسب دراسة أعدها مايكل كلوسنر وإيميلي روان من جامعة ستانفورد والبروفيسور في جامعة نيويورك مايكل أولروغ.

وخلصت الدراسة إلى أنه بنسبة 97%، تلجأ تلك الصناديق لاسترداد أو بيع الأسهم التي حصلت عليها في الاكتتاب، وذلك قبل أن تتم عملية الاندماج أو الاستحواذ المستهدفة، لكنها تحتفظ رغم البيع بالضمانات التي حصلت عليها عند شراء الأسهم في الاكتتاب بما يحقق لها مكاسب أكبر بنحو 11% من عوائد الصفقة المرتقبة.

وعادة ما تتضمن اكتتابات شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة منح المستثمرين حقوق وضمانات كتعويض لهم عن تجميد أموالهم لمدة عامين، وهي المهلة بين الاكتتاب وإتمام صفقة استحواذ على شركة خاصة.

وبحسب الدراسة، تعد SPACs استثمارًا مربحًا للمستثمرين الذين دخلوا في مرحلة مبكرة، وذلك عبر الاكتتاب العام ثم قاموا بإعادة الأسهم مرة أخرى قبل العثور على شركة مناسبة والاستحواذ عليها، كما أنها صفقة جيدة للغاية للرعاة أيضاً الذين يحصلون على مكاسب مالية، لكن المستثمرين الذين يستمرون بعد الاندماج هم من يدفعون ثمن التكاليف الباهظة التي حصل عليها المتخارجون والرعاة. وأكدت الدراسة إلى أنه من الصعب التصديق أن مساهمي SPAC سيستمرون لفترة طويلة في شراء الأسهم والاحتفاظ بها، لحين موعد الاندماج الذي يكبدهم تكاليف باهظة.

وتميل أسهم شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة إلى فقدان نحو ثلث قيمتها أو أكثر بعد عام من الاندماج. ومع ذلك، فإن الشركات التي ترعاها صناديق أسهم كبيرة ورؤساء تنفيذيون سابقون لشركات ضمن Fortune 500 ومسؤولون تنفيذيون كبار، تكون أكثر نجاحًا من الآخرين.

وأظهر مسح لـ Bain &Co. أن من بين 121 عملية اندماج لـ SPAC في الفترة بين 2016 إلى 2020، فإن أداء أكثر من 60% جاء أقل من مؤشر S&P 500 منذ تاريخ الاندماج، و50% منها تتداول عند مستويات أقل عقب الدمج.

  • فقاعة أم ثورة؟

مع تسارع وتيرة الاهتمام بـ SPACs، ترددت أقاويل كثيرة حول وجود فقاعة قد تنفجر قريبًا في المستثمرين. ويقول شريف سامي رئيس مجلس الإدارة غير التنفيذي لبنك CIB، أكبر بنك تجاري في مصر، والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية: شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة ليست فقاعة لانها تعتمد على الأصل الذي تستحوذ الشركة عليه وقيمته.

وتابع في تصريحات لفوربس الشرق الأوسط: هي أداة مرتفعة المخاطر، لكن الجديد الذي تقدمه هو أنها تُيسّر القيد بالبورصة، لأن الشركة المستحوذة سبق قيدها بالفغل. وأضاف أن المستثمر في SPAC يساهم على اعتبار “النوايا وما سوف يكون” ، بخلاف النظام التقليدي للاكتتابات والذي يتضمن افصاحات وخطط، حيث يكون المستثمر على علم وبيّنة بخطط الشركة المستقبلية.

وعلّق سامي على عوائد الاستثمار في تلك الشركات قائلًا: في SPACs يتم التعويل على خبرة المروجين لها والقائمين عليها، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، لأنه باستقراء التجارب السابقة، يتضح في أغلب الأحيان أن المتخارجين يستحوذون على أرباح تفوق ما يحصل عليه من يدخلون في مرحلة لاحقة.

  • الشرق الأوسط

طرقت SPACs مؤخرًا أبواب منطقة الشرق الأوسط، حيث أعلنت منصة البث الموسيقي “أنغامي” – مقرها الإمارات – أنها ستصبح أول شركة تكنولوجيا عربية تقيد في بورصة ناسداك الأميركية بعد الموافقة على اندماج مع شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة Vistas Media Acquisition Company Inc. ومن المتوقع إتمام الصفقة في الربع الثاني من العام الحالي.

كما سبق ذلك بأشهر قليلة قيام أغنى ملياردير عربي، المصري ناصف ساويرس بإطلاق شركته للاستحواذ ذات الأغراض الخاصة Avanti Acquisition Corp، والتي يراهن من خلالها بملايين الدولارات على صفقات استحواذ في شركات أوروبية.

  • لماذا عادت إلى لأضواء خلال الوباء؟

رغم وجودها منذ ما يقارب 30 عامًا، إلا أن SPACs لم تكتسب زخمًا كبيرًا إلا مؤخراً. وعند ظهورها في بداية التسعينيات، كانت تشتهر بكونها آلية للاستحواذ على الكيانات الصغيرة وتحويلها إلى شركات عامة مقابل رسوم كبيرة، وهو ما أدى في غالب الأحيان إلى فشل تلك الشركات وتراجع أسهمها، بحسب تقرير صادر عن CBI Insights.

ساعدت الإجراءات التنظيمية التي تم سنّها في الألفينيات على إعادة تسليط الضوء على تلك الشركات، لكنها سرعان ما تلاشت مجددًا عقب عدة إخفاقات بارزة في عام 2008.

وفسّر تقرير لشركة الاستشارات Bain & Co استعادة SPACs لزخمها في 2020، بالارتفاع الكبير الذي شهدته أسواق الأسهم، بالتزامن مع تراجع شهية المستثمرين تجاه الاكتتابات التقليدية. “هناك المزيد والمزيد من الشركات التي ترفض التكلفة والمتاعب وعدم اليقين الذي يشوب الاكتتابات التقليدية، مع بدأ ابتكارات أخرى مثل الإدراج المباشر في ملء الفراغ”.

  • تحذيرات عالمية

قال الرئيس التنفيذي لغولدمان ساكس، ديفيد سولومون إن انتعاش شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة هو على الأرجح غير مستدام على المدى المتوسط”. وتابع في اجتماع عبر الهاتف في يناير/كانون الثاني الماضي: “أعتقد أن مستويات النشاط هذه لاتزال قوية للغاية، وستظل قوية للغاية في 2021. لا أعتقد أن هذا مستدام على الأجل المتوسط”.

وبحسب سولومون، سيكون هناك شيء ما بطريقة أو بأخرى، يؤدي إلى تراجع مستويات النشاط على مدار فترة من الزمن.

وأشار إلى أن النظام لا يخلو من العيوب، وأنه لايزال في مرحلة التطور، قائلًا في الوقت نفسه: البنك يتابع عن كثب. كما تعلمون، إنه شيء لايزال عملاؤنا مهتمون له للغاية”.

  • بديل للاكتتاب التقليدي

رأى الرئيس السابق للجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، جاي كلايتون أن هيكل SPAC بديل للاكتتاب التقليدي، وقال: في بعض النواحي، هو صحي للغاية، فهو يخلق منافسة بشأن الطريقة التي يتم بها توزيع “بيع” الأسهم على نطاق واسع في البورصات”.

ومع ذلك، أكد كلايتون في حوار له مع شبكة CNBC في سبتمبر/أيلول الماضي أنه من أجل وجود منافسة جيدة وقدرة على اتخاد قرار جيد، هناك حاجة أيضًا لمعلومات جيدة أيضًا، موضحًأ أن واحدة من النقاط التي يركز عليها بشكل كبير فيما يخص SPACs هي الحوافز والتعويضات التي يحصل عليها الرعاة.

كما تطرق أيضًا إلى بعض المخاوف بشأن كفاءة الإفصاحات، وقال: نريد التأكد أن المستثمرين يفهمون هذه الأشياء، وأنه في وقت تنفيذ الصفقة وعند التصويت يحصلون على نفس الإفصاحات التنظيمية التي تتوافر في حالة وجود اكتتاب عام أولي بالسوق”.

وجاءت تلك التصريحات عقب تورط مؤسس شركة نيكولا للسيارات، تريفور ميلتون في فضيحة احتيال بعد طرحها في البورصة عن طريق الاندماج مع شركة استحواذ ذات أغراض خاصة SPAC.