مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية تشهد أسواق السندات في أكبر اقتصاد بالعالم تراجعا حاداً في منحنى العائد على أدوات الدين في إشارة لا تخطئها العين على تخوف المستثمرين من فوز الديمقراطيين في الانتخابات المقبلة.
ويشير تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إلى أن الانخفاض الكبير الذي شهده منحنى عوائد السندات الأميركية يستشرف حدوث سيناريو “الموج الأزرق” وهو فوز بايدن في الانتخابات المقبلة وتوقعات بسياسات نقدية متشددة من قبل الفيدرالي على وقع نتائج الانتخابات.
وفي تعاملات الثلاثاء، كان العائد على السندات الأميركية لأجل 5 سنوات تحت مستوى العائد لسندات آجال 30 عاما نحو 1.27% في أكبر اتساع لمنحنى العائد منذ 2016 وسط موجة بيع قياسية من قبل المستثمرين للسندات طويلة الأجل.
ويعكس منحنى العائد شعور الأسواق حول الأوضاع الاقتصادية وتصرف المستثمرين حيال النشاط الاقتصادي، وفي حال اتخذ منحنى العائد اتجاها تنازليا أو منعكسا فالأسواق تتوقع تراجع معدلات الفائدة على الأمد الطويل، ويرى كثيرون أنه مؤشر قوي على اقتراب حدوث ركود اقتصادي.
وتاريخيا، فإن فوز الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية أو ما يعرف بسيناريو الموج الأزرق غالبا ما يصاحبه عمليات بيع أولية في الأسواق في انتظار الوقوف على طبيعة السياسات الاقتصادية التي سينتهجها الرئيس الجديد.
ويقول المحللون للصحيفة إن السياسات التي انتهجها الفيدرالي الأميركي في الآونة الأخيرة لعبت دورا بارزا في اتساع منحنى العائد بالسوق مع سياسة شراء الأصول التي ينتهجها البنك والتي تسمح له بشراء سندات تبلغ قيمتها نحو 80 مليار دولار بصورة شهرية عبر آجال مختلفة، وهي الخطوة التي اتخذها الفيدرالي لضمان الحفاظ على مستويات قوية للسيولة بالسوق.
وقالت بريا ميسرا، رئيسة الأبحاث لدى TD Securities للصحيفة “الأسواق تدرك جيدا أن الموج الأزرق يعني المزيد من المعروض وبالتالي أسعار فائدة مرتفعة، وبالتالي فإن الاحتفاظ بالسندات طويلة الأجل في تلك الأوضاع لا يبدو بالأمر المنطقي. التقلبات التي تشهدها أسواق السندات مرتبطة بمخاوف وهواجس لدى المستثمرين حيال السياسات المقبلة للفيدرالي حال فوز بايدن في الانتخابات”.
ويشير تقرير الصحيفة إلى مطالب دائمة من قبل المستثمرين للفيدرالي بتحويل دفة مشترياته بشكل أكبر نحو السندات طويلة الأجل بالنظر إلى أن وزارة الخزانة الأميركية كثفت بالآونة الأخيرة حجم إصداراتها من تلك السندات، وهو ما أدى إلى زيادة المعروض وتراجع العوائد ما جعل القلق ينتاب المستثمرين حيال جدوى ضخ أموالهم في الديون الأميركية طويلة الأجل.