أخبار الثقافة المالية
ما من أحد لا تغريه وعود الثراء السريع، فوقع هذه الكلمات لا شك في أنه جميل.. مبروك لقد ربحت معنا الجائزة الكبرى، مئات الآلاف من الدراهم أو حتى مليون درهم.
جميلة طبعاً هذه الوعود، ومغرية من دون شك فكرة الثراء السريع أن تقضي ليلة تفكر في آلية سداد التزاماتك لتستيقظ وقد هبطت على رأسك ثروة من السماء، لكن تمهّل عليك أن تجيب بداية عن العديد من الأسئلة بنفسك قبل أن توجه أسألتك لمن يقدم لك هذه الوعود البراقة.
فهل اشتركت في أي مسابقة تخول لك الفوز بمثل هذه الجائزة، أو هل سمعت عنها من الأساس ولماذا أنت، وغيرها العديد من الأسئلة، لكن الأمر الأهم ألا تترك الحلم الزائف يجرك للوقوع في حبائل المحتالين، وتقدم لهم على طبق من ذهب أموالاً يطلبونها أو بيانات شخصية خاصة بك.
على الرغم من حملات التوعية بمخاطر الاحتيال المالي وطرقه المختلفة، فإن الحالات ما زالت في تزايد، ولا تنتهي حيل النصابين؛ بل على العكس تستمر في التطور، وآخر الحالات التي وردت ل«لخليج» شكاوى منها أخذت بعداً جديداً، فالمحتال لا يكتفي هنا بقدرته على الإقناع، وإنما يزيد عليها باستغلال المواقع الرسمية لجهات حكومية مرموقة سعياً إلى إقناع الضحايا بمدى جديته وبواقعية الوعد الذي يقدمه.
وتكفي المحتال في هذه الحالة أدوات بسيطة، فجل ما يحتاج إليه هو فقط اسم الضحية وبريده الإلكتروني ورقم هاتفه المتحرك، حيث يستغل هذه البيانات في أن يسجل لك حساباً على موقع وزاري رسمي أو جهة حكومية ما، لتؤيد هذه الجهات برسائل التسجيل إلى بريدك الإلكتروني كلامه، دون قصد طبعاً من هذه الجهات، ليطمئن قلب الضحية ويصدق كلام المحتال، ويسهل وقوعه ضحية خداعه.
والقصة هنا كما يرويها أحد الذين تعرضوا لمحاولات النصب هذه فأنقذهم وعيهم من السقوط في حبائل المحتالين، بدأت باتصال هاتفي: مبروك لقد فزت معنا بجائزة 500 ألف درهم مقدمة من معرض «إكسبو 2020 دبي» ومن جهات وزارية في الدولة، وتحديداً من صندوق تابع لإحدى الوزارات، وستردك الآن على بريدك الإلكتروني رسالة من موقع الوزارة ومن الصندوق.
وبالفعل وفي غضون دقائق تصل على البريد الإلكتروني للشخص موضع الاحتيال، رسائل تبدوا على أنها من الموقع الرسمي لوزارتين، دون أن ينتبه إلى أن الرسالة لا تزيد على مجرد أنه سجل في موقع الوزارة. وبعدها تصل رسالة تبدو وكأنها مرسلة من قبل موقع الصندوق الإلكتروني، حيث تتضمن رابطاً خاصاً بالصندوق، ورسالة تهنئة بتلقي طلبه ل«تمويل» بقيمة 500 ألف درهم، وهنا أيضاً لن ينتبه سوى للرقم المذكور، دون ملاحظة أن الأمر متعلق بطلب تمويل وليس بالجائزة الموعودة.
وبالطبع بعد أن يتأكد من مصداقية المحتال بعد ورود رسائل البريد الإلكتروني الرسمية، تزداد مهمة المحتال سهولة، وتبدأ مطالبه، وفي هذه الحالة كان الطلب هو الضريبة على الجائزة وقيمتها 25 ألف درهم، لكن قبل سداد قيمة الضريبة أفاق الضحية على أن الأمر فيه شيء غير مقنع، أو فلنقل غير مريح، ما جعله يتنبه ويتراجع في آخر لحظة. لكن من المؤكد أن غيره لم يتراجع ووقع ضحية لمثل هذا المحتال الذي يتكلم بلغة رصينة ويتحدث الإنجليزية بطلاقة، فالإغراء كبير، والحيلة مع استغلال المواقع الرسمية تبدو مقنعة ومنسوجة بعناية.
من المهم أن نتحلى بقدر كافٍ من الوعي وأن نفكر مراراً وتكراراً قبل مشاركة بياناتنا على أي موقع، وندرك أن بياناتنا المصرفية والشخصية يجب أن تكون لها خصوصيتها الكاملة، وأنه علينا ألا نشاركها أبداً تحت أي ظرف مع أي أحد.
وببساطة من يريد منحك جائزة فلماذا يطلب منك ضريبة عليها، في حين أنه يمكنه استقطاع قيمة الضريبة من الجائزة.